
لا جديد يُذكر في مساءات مدينة أطار، سوى ذلك الحزن الذي يتسلل مع العتمة إلى بيوتٍ أرهقها الانتظار، وكأنها باتت على موعدٍ يومي مع الخذلان.
الكهرباء، ضيف عابر، يغادر مع أول الغروب وتترك خلفها ليلًا طويلاً تختنق فيه الأنفاس، ويضيع فيه الرجاء.
عيون المرضى وكبار السن تحدّق في الفراغ، تهمس الألسن بحسرة "أما آن لهذا الكرب أن ينجلي؟" فيجيبهم صمت الظلام ولهيب يونيو، ذاك الذي يصفه أهل أطار بـ"شهر اطلوع الانجام"، إذ يكشف فيه كل شيء على حقيقته… حتى العجز.
وفي زاوية أخرى من هذا المشهد السريالي، يعلن الجزارون توقّفهم عن بيع اللحوم بسبب انقطاع الكهرباء، وكأنهم – عن وعي أو غفلة – يشاركون شركة الكهرباء حصارها على أرواح المواطنين، بينما تقف السلطات موقف المتفرج، لا صوت لها في عتمة المدينة.
وفي ظل الجشع والفوضى، بات كلٌ يفرض قانونه، مستندًا إلى غياب الردع والرقابة، وكأن المدينة تُدار بعرف الغلبة، لا بنظم العدالة.
أما الوعود، فتتساقط كأوراق الخريف، وعدٌ بمولد كهربائي لم يأتِ، تبعه وعد آخر بإصلاح المتعطل "خلال ساعات أو أيام"، وها هو الزمن يمرّ، ولا شيء يتغير سوى اتساع الوجع.
هكذا تعيش أطار، مدينة تُطفئها وعود كاذبة وتشعلها معاناة صامتة… فمتى يُكتب لهذا الليل أن ينجلي؟